دلالات ثلاث
الوجوه فی الدلالات الثلاث و المختار
الوجه الاول:
ان الدلالة التضمنیة و الالتزامیة فرع الدلالة المطابقیة بمعنی ان دلالة کل لفظ علی المعنی المراد ( بتعبیر العلامة : المسمی ) مطلقا ( سواء وضع له اللفظ ام لا ) مطابقیة و فی ذلک الاستعمال الواحد ایضا یدل نفس اللفظ المستعمل علی جزء المعنی و لازمه فالدلالة التضمنیة و الالتزامیة بدون الدلالة المطابقیة لم یتحقق.
قال العلامة فی الجوهر: و اعلم ان جزء المعنی قد ینسب الی اللفظ بانه معناه فلهذا احترز فی المطابقة بذکر التمام و ان کا لا حاجة الیه
ثم قال : و هما تابعان لالدلالة المطابقة لا یوجدان بدونها و قد توجد هی بدونهما کما فی البسائط و الماهیات التی لا تستلزم فهم غیرهما.
الجوهر النضید ص 25 و 27
حینئذ فلا یراد من اللفظ إلا معنى واحد فإن اعتبر دلالتة على ذلک المعنى بتمامه فمطابقة و إن اعتبر دلالته على جزئه من جهة کون الجزء فی ضمن الکل فتضمن و إن اعتبر دلالته على لازم له إن کان له لازم بمعنى الانتقال من أصل المعنى إلى ذلک اللازم فهو التزام و لا یخفى أن الدلالة على الجزء بهذا المعنى یعنی فی ضمن الکل هو معنى التضمن لا إذا استعمل اللفظ فی الجزء مجازا کما یتوهم و کذلک فی الالتزام
قوانین الاصول: طبع قدیم ص 249
و قال العلامة فی القواعد : فانّ المفهوم من اللفظ إمّا أنّ یکون المعنى الموضوع له اللفظ، فتکون الدلالة دلالة المطابقة، کدلالة الإنسان على الحیوان الناطق،فانّ الواضع وضع لفظة الإنسان لهذا المعنى.
و إمّا أن یکون المفهوم من اللفظ أحد أجزاء ذلک المعنى، فتکون دلالة التضمن، کدلالة الإنسان على الحیوان أو على الناطق، فانّ فهم المجموع یستلزم فهم کلّ واحد من أجزائه.
و إمّا أن یکون المفهوم من اللفظ المعنى الخارجی، فتکون دلالة الالتزام، کدلالة الإنسان على قابل صنعة الکتابة، فإنّ هذا المعنى «7» لیس هو الموضوع له اللفظ و لا جزءا منه، بل خارجا عنه.
القواعد الجلیة فی شرح الرسالة الشمسیة، ص: 196
قال ابن سینا : دلالة الالتزام مثل دلالة المخلوق على الخلق و الأب على الابن و السقف على الحائط و الإنسان على الضاحک، و ذلک أن یدلّ أولا دلالة المطابقة على المعنى الذی یدلّ علیه أولا، و یکون ذلک المعنى یصحبه معنى آخر، فینتقل الذهن أیضا إلى ذلک المعنى الثانی الذی یوافق المعنى الأوّل و یصحبه (ابن سینا فی منطق المشرقیین 14، 21)
ففهم من کلامه ان اللفظ الواحد حین استعماله یدل بالمطابقة علی المعنی الاول و بالتضمن و الالتزام علی الجزء و اللازم کما یشیر الیه العلامة فی قوله فان فهم الجموع یستلزم فهم کل واحد من اجزائه فان اللفظ واحد فهم منه المجموع و لازم فهم المجموع فهم الاجزاء من نفس ذلک اللفظ.
و یظهر من صاحب القوانین : ان الدلالات الثلاث یتحقق فی استعمال واحد و اذا کان اللفظ یستعمل مستقلا فی الجزء المعنی فهو مجاز.
فهنا ذکرنا اقوال اخری ظاهره هذا الوجه:
یفهم منه (اللفظ) أیضا معنى لیس هو المعنى المقصود و لا من جملته لکنّه لازم له و مقارن غیر منفک عنه و تسمّى دلالة التزام. کما تدل لفظة المتحرّک على معنى المحرّک و السقف على الحائط، فإنّ المتحرّک لا ینفکّ عن محرّک و إن لم یکن هو المحرّک و لا مفهوم المحرّک جزء من مفهومه .
(البغدادی فی المعتبر فی الحکمه 8، 12)
دلالة الالتزام بکون اللزوم ذهنیا بیّنا لتعرف بذلک أن بین کل واحدة من دلالتی التضمن و الالتزام و بین دلالة المطابقة عموما و خصوصا بإطلاق کلما وجدت دلالة التضمن أو الالتزام وجدت دلالة المطابقة لاستنادهما إلیها .
(السنوسی فی مختصر فی علم المنطق 52، 6)
الالتزام و الاستتباع و هی أن یدل اللفظ ما یطابقه من المعنى ثم ذلک المعنى یلزمه أمر آخر لا أن یکون جزأ له بل صاحبا و رفیقا ملازما فیشعر الذهن بذلک اللازم، مثل دلالة السقف على الجدار و المخلوق على الخالق، و الثلاثة على الفردیة و الإنسان على الضحاک و المستعدّ للعلم .
(ساوی فی البصایر النصیریه، 33، 10)
الوجه الثانی:
ان الدلالة المطابقیة هی دلالة اللفظ علی تمام معنی الموضوع له فی استعمال واحد و التضمن دلالة اللفظ علی جزء المعنی فی استعمال اخری و الالتزام دلالة اللفظ علی لازم المعنی الخارج عنه فی استعمال اخری
و هو و ان کانت غیر مصرح فی کلمات القوم الا ان ظاهر عبارات بعض یدل علی هذا الوجه.
قال قطب الدین الشیرازی فی الدره التاج:
و دلالت مطابقه حقیقی است جه حقیقت لفظى باشد کى مستعمل باش در آن چیز کى او را بازاء آن نهاده باشند و آن دو دلالت دیگر مجازى، جه مجاز لفظى باشد مستعمل در غیر آنج بازاء آن نهادهاند.
درة التاج، ص: 311
و ان کان الانسان اذا نظر الی قبله من المطالب فی هذا الکتاب و فی شرح حکمة الاشراق ینتج خلاف ذلک و رای الوجه الاول فی کلماته و لکن فی هذا الکلام ایضا خلط عجیب.
و ایضا قال التفتازانی فی التهذیب: یلزمهما ( التضمنیة و الالتزامیة ) المطابقة و لو تقدیرا
و قال فی التقریب: قوله و یلزمهما المطابقة و لو تقدیرا- اى: ان الدلالة المطابقیة لازمة لدلالة التضمن و الالتزام فکلما تحققا تحققت هى و لو تقدیرا. و لا ریب فى ذلک، فان اللفظ انما وضع لمعناه المسمى به لا للجزء بخصوصه و لا للخارج اللازم، فتارة یطلق اللفظ و یراد منه مسماه و یفهم منه جزءه او الخارج عنه اللازم له فهنا قد تحققت المطابقة مع الدلالتین المتفرعتین عنها بظهور و تارة یطلق اللفظ و یراد منه جزءه فقط او الخارج عنه اللازم فقط لاشتهار اللفظ فیهما او فى احدهما فان الدلالة المطابقیة فى هذا المورد و ان تخلف ظهورها الا انها تقدر و یقال ان المسمى لو قصد من هذا اللفظ لکانت دلالته علیه بحقها او لا و مطابقة ثانیا.( التقریب ص 20)
و ایضا قال المحشی :
إذ لا شک أن الدلالة الوضعیة على جزء المسمى و لازمه فرع الدلالة على المسمى سواء کانت الدلالة على المسمى محققة بأن یطلق اللفظ و یراد به المسمى و یفهم منه الجزء أو اللازم بالتبع أو مقدرة کما إذا اشتهر اللفظ فی الجزء أو اللازم فالدلالة على الموضوع له و إن لم یتحقق هناک بالفعل إلا أنها واقعة تقدیرا بمعنى: أن لهذا اللفظ معنى لو قصد من اللفظ لکان دلالته علیه مطابقة و إلى هذا أشار بقوله و لو تقدیرا.
الحاشیة على تهذیب المنطق، ص: 24
و ظاهر هذا القول و ان کان توجیه قول المشهور بان الدلالتان تابعتان لالمطابقة الا انه لا فرق بین القول بالمجازیة فیهما و التبعیة التقدیریة لان اللازم منهما الخطاء. و هو ان الدلالة المطابقیة حقیقة و الدلالتین الآخرین فی موضعٍ حقیقیةٌ و فی موضعٍ مجازیة علی قول التفتازانی و فی کل موضعٍ مجازیة علی قول قطب الدین ضرورة ان الدلالة اللفظیة منحصرة فی هذه الثلالثه و ان کان کذلک فکل المجازات ینحصر فی دلالة اللفظ علی جزء الموضوع له او لازمه و هو قطعا باطل لان یمکن دلالة اللفظ علی غیر الموضوع له و هو لایکون جزء الموضوع له و لازمه فاما ان یقال بعدم اشتمال الدلالات الثلاث المجازات و اما ان یقال بان المقصود غیر ظاهر الکلام و الاول خلاف الاتفاق .
کما قال الغزالی:
دلالة اللفظ على المعنى ینحصر فی ثلاثة أوجه و هی المطابقة و التضمن و الالتزام (غزالی فی المحک النظر 9، 13)
و قال العلامة فی القواعد:
و هی ( الدلاله الوضعیه ) لا تخرج عن هذه الثلاثة
وقال قطب الدین:
و إنّما انحصرت الدّلالة الوضعیّة للّفظ على المعنى فى الثّلاث، لأنّها إما أن تکون بتوسّط وضعه له أولا. و الثّانى [و هو أن لا تکون بتوسّط وضع اللّفظ للمعنى] إمّا أن تکون بتوسّط وضعه لما دخل فیه أولا. و الثّانى لا بدّ و أن تکون بتوسّط وضعه لملزومه الذّهنىّ، و إلّا لاستحال انتقال الذّهن من المسمّى إلیه.
و لاشتمال هذه الدلالات تمام الاستعمالات ( اعم من الحقیقة و المجاز ) ذکرنا فی توضیح وجه الاول : دلاله اللفظ علی المعنی المراد ، و لذلک قولهم "علی الموضوع له" تسامح!!!